الأحد، سبتمبر 30، 2012

لاتكن إمعة !

 

إقرأ


لا تكن إمعة




لا تتقمص شخصية غيرك ولا تذُب في الآخرين. إن هذا هو العذاب الدائم ، وكثيرٌ هم الذين ينسون أنفسهم وأصواتِهم وحركاتِهم ، وكلامَهم ، ومواهبهم ، وظروفهم ، لينصْهرُوا في شخصيِّات الآخرين ، فإذا التكلّفُ والصَّلفُ ،والاحتراقُ ، والإعدامُ للكيان وللذَات.
من آدم إلى آخر الخليقة لم يتفق اثنانِ في صورةٍ واحدةٍ ، فلماذا يتفقون في المواهبِ والأخلاق .
أنت شيءٌ آخرُ لم يسبق لك في التاريخِ مثيلٌ ولن يأتي مثُلك في الدنيا شبيه .
أنت مختلف تماماً عن زيد وعمرو فلا تحشرْ نفسك في سرداب التقليد والمحاكاة والذوبان .


انطلق على هيئتك وسجيَّتك >> قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ << ، >> وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ << عشْ كما خلقت لا تغير صوتك ، لا تبدل نبرتك ، لا تخالف مشيتك ، هذب نفسك بالوحي ، ولكن لا تلغِ وجودك وتقتل استقلالك.
أنت لك طعم خاص ولون خاص ونريدك أنت بلونك هذا وطعمك هذا ؛ لأنك خلقت هكذا وعرفناك هكذا ((لا يكن أحدكم إمَّعة)) .
إنَّ الناس في طبائعهمْ أشبهُ بعالمِ الأشجارِ : حلوٌ وحامضٌ ، وطويلٌ وقصيرٌ ، وهكذا فليكونوا. فإن كنت كالموزِ فلا تتحولْ إلى سفرجل ؛ لأن جمالك وقيمتك أن تكون موزاً ، إن اختلاف ألوانِنا وألسنتِنا ومواهبِنا وقدراتِنا آيةٌ منْ آياتِ الباري فلا تجحد آياته .

 وقد نبهنا عليه الصلاة والسلام بأن المسلم لا يبنغي ان يكون إمعة ينجرف خلف كل تيار ، ولكن لازال البعض يصرون على اعتبار انفسهم امعات  ، والشواهد كثيرة ..
تمشي في الشوارع فتجد شاب قد  ترك شعره بشكل مقزز تارة ومضحك تارة ولاحقاً تعرف انها موضة تسمى ” الكدش “
تقودك الأقدار لأن تجلس وسط زملاء عمل ، فتجد ان الجميع يتبادل المزاح بالكلام البذيء ، ولا تجد احد يستنكر بل الجميع فرح ومتفاعل ، وهنا يقدم احدهم نصيحة ذهبية ” تبي تعيش لازم تمشي امورك ” فتعرف أنك امام مجموعة اخرى من الإمعات ، قرورا ان يتحدثو بالكلام البذيء لأن” الوسط المحيط يتكلم هكذا  “!
ادخل لليوتيوب  ، فأجد الكثير من المقاطع  يصر اصحابها على استخدام الموسيقى ، بالرغم انك لو حذفت الموسيقى فلن يتأثر المقطع بشيء ابداَ ! بل على العكس الموسيقى تقلل من احترام المشاهد للمقطع وصاحبه وهذا امر مشاهد !
محل عطارة عرفت صاحبه شخصاً مكافحاً وبعد كفاح سنوات وبعد ان فتح الله عليه وكبر محله ، ادخل لأجد صور نساء شبه عاريات على الرفوف كعروض لمنتجات ، دون ان يفكر كأقل تقدير ان يكلف على نفسه او يكلف عامل من مجموعة العمال لديه بان يشطب على هذه الفضائح !
للأسف كل هذا يحدث وغيره ، لأن  الكثير لم يعد لديهم ” مبدأ ” !
انت انسان مسلم ، وإسلامك مصدر اعتزازك وفخرك ونصرك وكرامتك وسعادتك ، فهل من المعقول ان تميع دينك وتميع نفسك ، هكذا ؟!!
حين تقول لأحدهم يا أخي لاتضع موسيقى في مقاطعك ، يقول الموسيقى عليها ” خلاف ” ، يا أخي الخلاف في عقلك وليس في الموسيقى ، فلا يوجد عاقل يقول الموسيقى حلال  ، فالحلال بين والحرام بين !
الحقيقة هي  أن كل شخص ” يقلد الأخرين ” فطالما فلان يستخدم الموسيقى ، فأنا ايضاً استخدمها ، طالما الناس اعجبتهم ، فأنا ايضاً اريدها ان تعجبهم !
حتى في امور الحياة الأخرى ، ما أن يراك احدهم قد اشتريت شيء مميز ، إلا ويسارع بتقليدك ، بغض النظر عن فارق الامكانيات بينك وبينه !..بغض النظر إن كان يناسبه او لا ! .. المهم هو ان يقلدك !
تقليد … تقليد .. تقليد
والمصيبة هي حين يكون هذا التقليد لا يلتفت لرأي الدين فيه ؟!
لهذا انا لا اندهش حين ارى احدهم وقد اطلق شعره مثل الفتيات وقرر ان يربطه من الخلف ، فلا استغرب ان اسمع يوماً ان مثل هذا اصبح صديق للعيادات النفسية ،  سواء هوا او غيره !
لأنه ببساطة انسان  تعرف شخصيته من مظهره الخارجي ، فالإنسان الذي لاتوجد لديه مباديء يسير عليها ، ينجرف بسهولة مع كل تيار وكل موجة !
انظر لبرامج تلفزيون الواقع ،  اتذكر مرة أن احد الأشخاص عرض صورة لعشرات بطاقات الشحن ، وقال بفخر سوف اصوت بها على فوز المتسابق الذي احبه ؟!!
من يكون هذا المتسابق ؟
هو شخص لو شاهدت سلوكه في الحياة العامة لوصفته بألقاب  تعبر عن نظرتك المتدنية له ، و لكن طالما ان التلفزيون سلط الضوء عليه وطلب منك أن تصوت له والناس يصوتون له ” فهنا تغير الوضع طالما التلفزيون يقول انه رائع فهو رائع فعلاً” !
أين شخصية المسلم القوي ؟
اين شخصية المسلم المعتز بدينه ؟
حين تقول لأحدهم يا أخي بطاقات الائتمان التي تقرضك المال مقابل اعادته بفائدة حرام ، يقول لك مباشرة  اعرف ، ولكن ” كل الناس يستخدمونها “
 حين تقول لفتاة يا أختي هذه العباءة فاضحة وحرام لايجوز ، تقول ” اعرف لكن كل البنات يلبسونها “
هكذا .. ببساطة ، أصبحت حجة الإنسان لفعل المعاصي هي “  الكل يفعلها “  !
متى اصبحت المعاصي مباحة ، لمجرد أن الكل يفعلها ؟!
لن اطيل وازيد في ماي يحدث للأسف ، فالشواهد كثيرة والكل يراها ، ولكني اختم بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ، الذي لو وضعه كل مسلم نصب عينه ، لكن سبباً بعد الله في ان لايكون مجرد أمعة اخر في وسط المجتمع !
قال عليه الصلاة والسلام
(لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا أن لا تظلموا)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق